You are using an outdated browser. For a faster, safer browsing experience, upgrade for free today.

كن عبداً للباقي

كن عبداً للباقي

بقلم أ.د.عمرو حسن الحسني أستاذ المخ و الأعصاب جامعة القاهرة
بوست_الجمعة النهاردة عن "عبد الباقي"🤔
أذكر و أنا طالب صغير و رغم تفوقي الدراسي بفضل الله أني لم أكن قادر علي "الدح" من أول السنة الدراسية كما كان يفعل بعض الزملاء من" الدحيحه " فكنت طوال العام طالبا عاديا جدا حتي قبل الامتحان بشهر أو اتنين أو أكثر دخلت في" معسكر مغلق " محكم الغلق "أدح" فيه آناء الليل و أطراف النهار و لا أخرج من هذا "الكهف" المغلق إلا مع آخر يوم في الامتحانات أعود بعدها بني آدم عادي و طبيعي زي اللي بيمشوا في الشارع 😀
و كنت أقاوم أفكار و وساوس الخروج من "الكهف" لبعض الترفيه أو حضور مناسبة مثلا و حتي كنت أقاوم مغالبة النوم لي بجملة واحدة أعنف بها نفسي و هذة الجملة كانت بمثابة الضربة القاضيه اللي كانت كفيله بإنهاء ذلك الصراع لمصلحة "الدح" ألا و هي " يا عمرو .. ابحث عن الأبقي" ..
و طبعا معروف أن أي حد يناديني بإسمي في أول الحوار كده بأتخض 😀
هتقولي طالب إعدادي و لا ثانوي و بتعرف تقول "ابحث عن الأبقي"
أقسم بالله أني كنت بأقولها زي ماهي كده و أحيانا بقلقلة الباء😂
كنت أقنع نفسي و أحدثها ..يا بني افهم .. الساعتين اللي هتخرج فيهم أو هتنامهم زيادة أو هتتفرج فيهم علي ماتش الأهلي ⚽️هيتنسوا و هيضيعوا .. لكن نفس الساعتين دول لو ذاكرت فيهم كام صفحة حلوين كده و جه منهم سؤال و جاوبته ..ياااه .. هيبقي نصر مبين و الله 😁.. درجة السؤال ده ممكن تفرق في مستقبلك كله ..ده مكتب التنسيق في مصر الله يبارك له ممكن يعمل لك "كارير شفت" قبل ما يبقي فيه كارير أصلا و يغير لك مسار حياتك بالكامل علي نص درجة 😏 .. و كنت بأقنعني الصراحة😂 و أكمل "دح"🤓🤓
ثم نضجت رويدا رويدا و نضجت معي فكرة "ابحث عن الأبقي"
و اكتشفت انها مفهوم كبير أوي .. و خرجت من التطبيق الضيق بتاع المذاكرة و "الدح" إلي مفاهيم أوسع و أرحب
و يا سلام يوم ما سمعت حديث رسول الله ﷺ لعائشه رضي الله عنها عن الشاه ..حسيت أيوه كده.. أنا صح
حديث "أنَّهم ذبحوا شاةً فقالَ النَّبيُّﷺ ما بقيَ منْها ؟ قلت ما بقيَ منْها إلَّا كتفُها . قالَ : بقيَ كلُّها غيرَ كتفِها"
أي أنهم تصدقوا بها كلها و لم يبقي لهم للأكل إلا الكتف .. فالرسول ﷺ قال لهم .. بالعكس .. ده كلها "بقيت"و ذهب الكتف لأن ده اللي هنأكله
الحاجه اللي" هتبقي" بجد هي اللي ذهبت عند ربنا مش اللي صرفتها و استمعت بها .. اللي صرفته علي نفسك ( و إن كان بالطبع مباحا) من ترفيه و أكل و لعب و لهو أخدت حقه وقتي و خلص خلاص
لكن ما ادخرته في خزائن ربنا هو ده اللي باقي
لأنه ببساطة هو الأبقي.. رزقه هو الأبقي "وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ"
..و الآخرة عنده هي الأبقي "وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ"
بل هو نفسه الأبقي بلا نهاية "وَاللَّهُ خير و أبقي"
و اللي هتبقيه عند ربنا ده مش شرط بس فلوس و إنفاق .. ممكن تكون أبقيت كلمة حلوه قلتها لمحزون .. مكسور جبرت خاطره .. علم نشرته .. ملهوف أغثته .. غاضب تبسمت في وجهه .. عفو و صفح آثرته ... المهم أن تُبقي شيئا .. اترك أثرا .. فكلنا مغادرون و لن يتبقى سوي الأثر ..
و متسبش أثر منيل بنيله الله يسترك
لأن الأثر ده الملائكة هتفضل تكتبه حتي بعد ما نموت
بتكتب إيه تاني .. مش كفاية اللي اتكتب ما خلاص أنا مت و شبعت موت ..
لا يا معلم الملائكة بعد ما سيادتك تموت بيتفقدوا آثارك و يكتبوها ..
القرآن اللي قال كده
"إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ "
أخدت بالك من آثارهم دي 🧐
فلازم نُبقي آثار طيبه لينا يكتبوها .. بدل ما نمشي و يلاقوا بعدك بلاوي زرقا مكملة
أو يلاقوا هوا .. لاشيء .. فراغ .. أصفار .. و لا كأنك عديت من هنا
بس أهم من آثارك الطيبه في الدنيا .. أهم منها هو أنك تروح في الآخرة...تلاقي ثمار كل مرة قاومت رغباتك و قلت لنفسك فيها و انت بتشخط كده ..😡 "ابحث عن الأبقي"
"وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا "
فتفرح بنفسك و بمردك أنك اخترت أن تبحث عن الأبقي
فكن عبداً للباقي يا "عبد الباقي"